كتب محمد ولد اباه الناجي ولد كبد

 

الرجل الأدخن في البيت الأبيض

محنة الدكتور محمد ولد الغزواني المحاضر في جامعة السوربون لا تتوقف عنده وحده. إنها تسري على جيل او أكثر من أبناء هذه البلاد. جيل تعود على تلقي الإنشاء كمقرر يومي في الإذاعة وفي التلفزيون ثم ازدادت بلواه في زمن السوشيال ميديا.
تحدث الرئيس غزواني بفرنسية متواضعة ولو أنه تحدث بلغته الأم لما تغير شيء كثير. هي نفسها اللغة الخشبية الإنشائية التي تبدأ بالحديث عن “تجشم العناء” ثم تعرج على “الواقع والآفاق” وتنتهي بوضع المضيف بين “مطرقة شيء غامض وسندان مسألة أخرى أكثر ضبابية”…
المعضلة هي أن كثيرين هنا يتصورون أن هذه هي “الفصاحة”!
على أن “الفصاحة” التي تدعو للاعتزاز عند بعضهم قد تلائم بعض “مجالس” المواطنين غير المرتبطين بالتزامات للعمل او الذين لديهم وقت فراغ لا يعرفون كيفية صرفه.
أما عندما يكون المتحدث رئيس دولة يعلق عليه مواطنوه آمالهم في غد أفضل، فإن المطلوب منه هو أكثر من البلاغة والعروض…
ولعل هذا هو مكمن الداء: الرئيس غزواني ليس مستعدا ولا هو راغب في ممارسة مسؤولية قيادة الدولة. لذلك ليس لديه تصور واضح عما يجب أن يفعل ولا عما يناسب أن يقول.
لو أن الحديث كان موجها لجمهور من نظرائه العرب أو الأفارقة لهانت المسألة؛ كلهم يتحدثون نفس اللغة الخشبية. إنما مع ترامب الأمر مختلف: هذا رئيس أقوى وأغنى دولة عرفها التاريخ وهو في السجل المدني الخاص به تاجر عقارات، أي أنه ينطلق في جميع تصرفاته من مبدأ أن الوقت هو المال… تضييع هذا الوقت في السرديات التي تبعث على التثاؤب هو هدر للمال، في منطقه.
لقد انتابني شعور غريب بالحرج من مضمون خطاب الدكتور غزواني؛ ولمرّة أحسست وكأنني إما لم أسمع ما يقوله جيدا أو أنني قصرت في متابعة أخبار إفريقيا في الشهور الماضية: الدكتور غزواني تحدث عن تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في حل نزاع (لم يحدد) في افريقيا كان يستعصي على غيرها من الفاعلين على المسرح العالمي. لم أفهم ماذا يقصد.
ليست الإهانة فقط في ان ترى رئيس بلدك يعامل على هذا النحو، بل الأسوأ منها ان ترى نفس رئيسك وهو يمتدح ترامب كما لو كان مذيعا في قناة فوكس نيوز.
عزاؤنا الوحيد هذه المرة هو ان المطبلين سوف يشغلون وقتهم في تبرير ما حدث. على الأقل لن يقول قائل إن الدكتور غزواني قد ألقى محاضرة في جامعة جورج تاون ولا حتى “غالوديت يونفرسيتي.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *